عالم صوفي ليست جيدة بعد كل شيء

هذه مراجعة لرواية عالم صوفي Sophie’s World لجوستين غاردر Jostein Gaarder. نظرًا لكون الروايات تحوي على أجزاء يريد الكاتب بها مفاجأة القارئ ينصح بقراءة هذه المراجعة بعد الانتهاء من الرواية ، أو إن لم يكن لديك نية لقراءتها أبدًا !

 

sophis world_cover_penguin  أعتقد أن عالم صوفي حصلت على كل هذا النجاح لا لجودة العمل وإنما لقلة ، إن لم يكن غياب ، أي مصدر يشرح الفلسفة ببساطة ، بتسلسل ، والأهم من دون استخدام المصطلحات الفلسفية المخيفة والغريبة.

على سبيل المثال ، كتاب الفلسفة ببساطة لبراندون ويلسون كتاب رائع ولكت بالرغم من أنه يدعو للبساطة فإن القارئ يضيع فيه ، وهناك العديد من المصطلحات التي لا يفهما الكل فأنت بحاجة ، كما مع كل الكتب الفلسفية ، إلى كتاب آخر ليشرح لك هذه المصطلحات. وهو الأمر الذي لم يحدث مع عالم صوفي.

إذا هذا الأمر يحتسب لرواية غاردر ، لكن بالرغم من ذلك لا بد أن تحس أن الرواية ساذجة وصبيانية جدًا .. وأشير هنا إلى بدايتها عندما تستلم صوفي الرسالة وفيها السؤال : من أنتِ ؟. أعني أن الأمر يبدو طفوليًا أليس كذلك ؟ ربما لهذا السبب وضعت صحيفة الغاردين هذه الرواية ضمن كتب الأطفال رغم أن ذلك لم يرد في تصنيف الناشر !

    إذا جوستين غاردر ليس لديه الحس الروائي التشويقي مثل أغاثا كريستي أو ستيفن كنغ ولا حتى دان براون ، هل تتخيل أن دان براون يكتب رواية عن تاريخ الفلسفة .. سيبدأ الأمر بجريمة وحشية وهنالك الكثير من الرموز لفكها والأحاجي لحلها للوصول إلى سر الفلسفة، إلى سر الكون أو من نكون، بتسارع وتشويق عجيب ..لست مولعًا بداون براون ولكن غيرارد لمن ينجح في جذب القراء ولا ريب أن صوفي ، لو كانت واقعية مثل أي مراهقة ، كانت ستمزق الورقة .. فأي سؤال هذا من أنتِ !.

ثم إن الرواية تنتهي بطريقة حمقاء بعض الشيء. صحيح ؟ أن تُبعث شخصيات الرواية للحياة يعيدنا للمثالية وكون الواقع مجرد أفكار حينها ستكون هيلدا ووالدها هما غير الحقيقين ، في كل الأحوال الأمر يدل مجددًا على ضعف سعة الكاتب الرواية والأدبية. وهنالك العديد من الكتاب الذين يتجادلون مع شخصيات روايتهم ويحاولون قتلها وهي تحاول الانقلاب عليهم لكن الأمر تم بطريقة فلسفية وجودية وليس بقلة خبرة.

  إذا جوستاين غاردر ليس دان براون ، ولكن هل لو كتب دان براون عالم صوفي كانت لتكون أفضل ؟ لا. المشكلة هنا أن السيد غيرارد هو فيلسوف على ما يبدو فاهمٌ لدراسته ، ولكنه لا يعلم أي شيء عن الفن الأدبي في سرد رواية. أفضل شخص  ليكتب عن هذا الموضوع كان ليكون جيمس جويس ، وذلك بسبب الأسلوب الذي اعتمده وطوره ، هو وآخرون ، الأسلوب الموضوعي الذي يركز على تدفق الوعي. هذا الأسلوب إذا نفذ جيدًا يمثل حينها لب الفلسفة ، فلن يكون هناك زمان ولا مكان بل فقط تدفق الموضوعات الفلسفية وتشابكها . إلا أننا حينها سنعود إلى فكرة صعوبة الكتب حول الفلسفة !

عمومًا ذاك الأمر رهن بالروائي ومدى تمكنه من أدواته ، وفي كل الأحوال ستنتج رواية أرقى وأكثر مناسبة للفلسفة.

 بخصوص الترجمة العربية

   بعد أن قرأت الرواية بالإنكليزية سمعت بعض الحديث عن الترجمة ، لما عدت إليها وجدتها كلها صحيحة وكل الجزء الخاص بالفلسفة العربية والإسلامية تمت إضافته من قبل المترجمة بكل وقاحة ! ولكن ذلك نقص في رواية عالم صوفي فبالرغم من أن عنوانها الفرعي يعد بتأريخ الفلسفة فهو لا يغطي سوى الفلسفة الغربية.

بعض الكتب لقراءتها عن الفلسفة أفضل من عالم صوفي :

  • الفلسفة ببساطة ، براندن ويلسون.
  • الفلسفات الكبرى ، بيير دوكاسي.
  • أطلس الفلسفة dtv.

 

2 thoughts on “عالم صوفي ليست جيدة بعد كل شيء

  1. جميل ما كتبت ولكن بالنسبة لي، وقد قرأتها عندما كنت في الرابعة عشرة من عمري، أجدها قد أثرت فيّ بعمق، قد أكون الآن غافلة عن معظم التفاصيل ولكنني لا أفزع من فكرة الفلسفة أو من الأسماء الكثيرة التي كان لقائي الأول بها على صفحات هذه الرواية، جوستاين غاردر أكاديمي، وأظن أن ما تطرقت إليه قد ينسحب على غيره من الروائيين الأكاديمين، ولكن أشعر على الدوام بسعادتي لأنها كانت من كتبي الهامة الأولى في حياتي، وقد يكون من العبث أن يطالعها قارئ متمكن بعض النضوج.

    مؤسف جدًّا أن تكون المترجمة قد تدخلت على هذا النحو، إنه مقتل للمصداقية.

    1. انا لا انكر صراحة اهمية عالم صوفي وتميز فكرتها.. نقدي هو علي الاسلوب الأدبي الذي لم يكن بذاك التوفيق 😃

Love to hear your opinion !